الاثنين، 25 نوفمبر 2013

عُمْرِي ...ومئذنتك.... والنخلة !!!!

بقلم :فاطمة ماجد المطيري*
 
 
كانت بيوتا معدودة


فبنى جدي المسجد لها
وغرس بجوارهِ نخلة
كنت أجلب الماء لها معه من الداخل
وكان يمسك بيدي ماشياً إلى مسجده
حتى اذا ما اقتربت من الباب
توقفت حتى يدخل
ثم عدت أدراجي


أنتظر تسليمة الإمام
وأرقب الغروب ..
ووفاة نهار
ومأتمٌ كونيٌ لفقده
يلفه السواد ..

 
اركض مسرعةً متواريةً خلف النخلة


وما إن يتجه نحو البيت
حتى أركض مستقبلةً إياه ، واضعةً كفي في يده


دقائق معدودات هي طريقنا للبيت
لكنها بالنسبه لي أروع أحلامي
وكأني أعلن للجميع أني حفيدته الأولى
ولايحق لأحدٍ أن يصطحبه سواي
لن يأخذ أحد مكاني مهما كان
حتى حفيدته الجديدة بنت الغالية عمتي
التي طال انتظارها
لن تحتل مكاني أبدا ..
هكذا كنت أردد واثقة بيني وبين نفسي ..

 
لطالما التصقت بتلك الجدران
أتأمل الجميع
وألتزم الصمت
لأكنز في ذاكرتي عهدا عجزت عن أن أصوره لأبنائي
بينما هو راسخ في مخيلتي
رسوخ الجبال


كبر الحي


وكثرت البيوت


وسنييييييين مرت


مليئة  بالذكريات
والأفراح
 
والأترااح  أيضا ..


اليوم
وبعد أكثر من ثلاثة عقود
آتي لذلك الحي زائرة
فأجد كل شئ يهمس لي ...


 
أتذكرين ...


أم


 
نسيتِ ..


تلك النخلة
طاولت المئذنة
ثم فاقتها طولا
فانحنت عليها تظلها
وتسمع الذكر والاذان
وتراتيل شيوخ الحي
والعم ,,...,,
كم كنت أسعد بتكراره خواتيم سورة البقرة
وأذانه المميز

 
و..

الصلاة خيرٌ من النوم ...
التي كان لها نغمةً خاصة من فمه وبصوته المميز


 
وفيةٌ تلك النخلة


كأنها تقول لمئذنتك ..

أن رحل أصحابك
وجيرانك
أما أنا مارحلت
لازلت معك
ولن أتركك ماامتدت بي الحياة
باسقةً لازالت تمارس العطاء وتنتهجه
دون مقابل ..
لم تعد تكلف أحدا شيئا
حتى الماء

جذورها تمتد بعيدا
لتشرب مماأجراه الخالق لها
لم تعد تأتيني تمراتها ككل عام
ولم يعد في خزانة مطبخي شيء من ليفها الذي كنت أحشو به دلة قهوتي 
وماعدت أرى جريدها
وأولاد الحي يمتطونه كأنه صهوة حصان
في يومٍ مشهود ٍمن كل عام
عندما يقوم عمي بقصه وتهذيبه


انتقلت عنها
فانتقلت لغيري



 
ترى
هل يعرف أهل الحي
قيمة تلك النخلة؟
كم ترتبط بذكرياتي
وعمري الذي مضى؟
هل يقدرونها مثلي .. ؟
هل يعلمون كم شهدنا موسم الإبار؟
وكم كنا نسأل عنها
وكأنها أحد أفراد الحي؟
كم اجتمعنا حولها
نسمع الآذان والتلاوات
ونعد الركعات
ونسمع الذكر والمحاضرات
التي يلقيها طلاب الحي وابناؤه في ذلك المسجد؟

 
وكم كانت لنا اجتماعات تحت تلك النخلة؟
في جلسات سمر
رحل أغلب سمارها
بعضهم توسد التراب
وآخرون تنقلوا ساعين في أرجاء االأرض
إإإإييييييييييه
يااااااااازمن


أمس
مررت بذلك الحي
فماوجدت أحبتي
رحلوا


كلهم رحلوا


كرهوا البقاء بعدي

 
فهل تزعمت فكرة الفراق؟


؟؟؟؟
ولم احفظ آخر رباط ٍجمعنا ....

 
كم أمقت الجحوود !!

فهل كنت جاحدة ...

 
حتى جارنا الذي كنا نعتقده قاسي القلب
بكى يوم رحيلنا
وأمام الناس
ثلاث وعشرون سنة لم يكلمني ذلك الجار
بل يخفض رأسه ويتنحى عن الطريق إذا صادفني
كي لايحرجني
اليوم يناديني باسمي
ويقف أمام نافذة سيارتي
قال بصوت تخنقه العبرة:
 
أم ماجد..

 
لاتقاطعونا أرجوكم ..

 
لم اكن أعلم انه يكره الوداع
إلا ذلك اليوم

يالله
هذاالعم ابو ,,.........,,,

يتوكأعلى عصاه
ذاهبا للمسجد
وفيٌّ هو
 
كتلك النخله

رحل أبناؤه
كلهم
لأحياء راقية
واشتروا له بيتا هناك
فرفض الرحيل
لايمكنني الرحيل وترك مسجدي وجيراني
ثم ....

رحلنا نحن
جيرانه ...
وتركنااااااه


أتسامح ياعم ,,,.......,,,؟



أتسامحين نخلتي ؟؟؟؟




أتسامحين مئذنتي ؟؟؟



ترى ...

 
هل كنت الأكثر جحوداً بين كل هؤلاء؟

 
؟؟؟؟؟
 
 
*والدة الطالبة: أميرة المطيري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق