الاثنين، 7 سبتمبر 2015

"غمام "

قصة قصيرة
رؤى الزهراني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يستيقظ الطير (غمام ) في التاسعةِ كل صباح، عندما يكون جدّي قد أحضر رغيف الخبز الأول، ولم يعتد جدّي أن ينتهي رغيفه هذا دون مرور غمام، ولعلّ أحدكم تبادر إلى ذهنه السؤال نفسه، الذي اقتحم تفكيري بلا إذنٍ مسبق، لماذا أسموه غمامًا؟!

و سأزفّ إليكم بعض خبره، سألت جدّي عن السبب ذات مساء فتنهّدَ تنهيدةً عميقةً، شعرت بأنها لم تستطع أن تخفف عن صدره ثقل ما يحتمله، ثمّ قال بانكسار غريبٍ: كان هذا الطير العجيب يفرش جناحيه العظيمين كلما قدمت إلى محلّتي تلك (وأشار بيده نحو صخرة منبسطةٍ يجلسُ عليها كل صباحٍ ليتناول إفطاره المتواضع بتفوّق) فيحميني من الشمسِ ساعاتٍ طوالٍ حين أستلقي وأغفو بعد إفطاري، كنتُ أظنُّها غمامةً حائمة، حتّى جاء اليوم الذي اخترتُ أن أستلقي فيه وأتأمل السماء، فرأيتُ غمامًا يحلق فوقي رأسي فنمتُ مطمئنًّا، وهذا كل ما أذكر يا ابنتي.

كنتُ أنتظرُ المزيدَ عن غمام، إلا أنّ جدي كان متعبًا قليلًا، فاقترحتُ عليه أن يستلقي ليرتاح قليلًا، وأمسكتُ يديه اللتين تخللتهما الجروح وأنهكتهما التجاعيد، وظللتُ أتأملهما كما كان يتأمل عينيّ بعمق، ولم يلبث أن غطّ في نومٍ عميق، وتركتُ جدّي لينام بينما تهاجمني تساؤلاتي وغموض كل ما يتعلقُ بهذا الغمام!

 

انتظرتُ حتّى اليوم التّالي، وذهبتُ لاطمئنّ على جدّي، ولكنّي لم أجده على الفراش، فانطلقتُ خارجًا أبحثُ عنهُ .. فوجدتُهُ مستلقيا، بينما تحوم فوقه غمامةٌ عظيمةً تحجب ضوء الشمسِ عنهُ، أظُنُّها كانت غفوةَ جدّي الأخيرة، لأنه لم يبصرِ النور بعدها قط! 

مثلما لن تبصر النور أجوبة كل الأسئلة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق