الاثنين، 7 سبتمبر 2015

" عِناقك أصلح كل شيء "

قصة قصيرة
 
رؤى الزهراني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عِناق يصلح كل شيء!!

 

وقف عدنان قرب الباب بانتظار السّكينة (الشّعور لا الأداة)، كان قد أقسمَ قبل وقتِ أن يصوم رُبع اليوم (٦ ساعاتٍ) عن الكلام. بعد خمس ساعاتٍ من الصمتِ كان يشعُر بالانتصار والقلقِ في آنٍ واحد، حين لاحت من بعيد أنوارٌ سيارةٍ غريبة، تصبّبَ عرقًا، إنّه نصف الساعة الأخير، لا يستطيع استقبال الضيوف الآن، لو انتظر الرجل ساعة أُخرى فقط !!!

لم يكن كل هذا القلق والتوتر إلا لأجل الصمت، فقد كتب عدنان مقالًا عن الصمتِ مُنذُ عامٍ ونصف، نشرتهُ صحيفة عكاظ على أنّهُ مقال الأديب الضيف لهذا الشهر، قبل أن تتوافد الرسائل -الساخرة في معظمها- على بريده الإلكتروني:

- أحسن لك تسكُت، انت بالله عُمرك جرّبتُه ذا اللي بتتكلم عنّه اللي تسميه الصيام عن الكلام؟ يا عمّي انت اللي سويته خليت زوجي نفسية، صار الرجال ساكتين يفجع سكوتهم، انت بالذات يا سيّد عدنان أكثر آدمي شفايفه تشتاق لبعض من كثر ما تتكلم!!

- أستاذ عدنان جرّبتُه انت؟

-باب النجّار مخلوع!!!!

- أستاذ عدنان مقال شديد البلاغة.

تجاهل الواحدة، قرأ الثلاث الباقيات، قرّر أن يراقب نفسه في اليوم التّالي، ثُمّ حين استيقظ من النوم صباح اليوم التّالي، نظر إلى شاشة هاتفه ليتأكّدَ أنّ به ما يكفي من الطاقة ليوم كامل، لمس شاشة هاتفه الآيفون، واختار مسجّل الصوت، لمس زرّ التسجيل عند الساعة ٩ صباحًا، وضع الهاتف في جيبِهِ وأوصل سمّاعته ولاقط الصوت بالهاتف ثُمّ ذهب إلى مقرّ عمله، حاول عدنان ذاك الصبّاحَ أن يبدو طبيعيًّا ويتحدث ككُلِّ يوم، ضحك كثيرًا وكان مُتحمّسًا جدًّا ليعودَ إلى منزله ويقوم بدراسة تسجيل يوم عمل كامل.

وصل عدنان أخيرًا إلى المنزل ووجد هاتفهُ قد أغلق التسجيل عن الساعة التاسعة وخمس دقائق!! غضب كثيرًا وحاولَ تذكُرَ ما حدث، لكنه لم يستطع لشدة الغضب أن يتذكّر شيئًا، وبدأ صيامهُ من الساعة الثالثة عصرًا ...

اقتربت من الباب خطواتٌ مبعثرة، فزع والتصقَ بالجدارِ خلفهُ، ثُمّ حاول أحدُهم دفعَ البابِ بقوّة ثُمّ فُتح الباب!! صرخ عدنان بصوت عالٍ وصرخ معهُ أخوهُ ووالدته العائدان من السفر، تذكّر عدنان الآن من أفسد تسجيلهُ صباحًا.. كانت والدته تتصل لتخبره بموعد وصولهم، ضحكَ كثيرًا وعانقها وقال في خضم العناق: أمّي أفسدتِ خُطّة  يومٍ كاملٍ ثُمّ أفسدت صيامه، لكنّ عِناقك أصلحَ كُلّ شيء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق